الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: من يرد اللهُ به خيرا، يُفَقِّهْهُ في الدين. متفق عليه؛ وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح. والعلم في الإسلام يسبق العمل

المزيد
كتب

أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

السائل
لقد ذكر بعض العلماء أن علم الجرح والتعديل كان خاصا بزمن الرواة لكن الآن عام ألف وأربع مائة وعشرين ليس هناك شيئ اسمه الجرح والتعديل فما هو الصواب في ذلك ؟

الشيخ 

هذا والله من المهازل والمضحكات المبكيات، أن يقال مثل هذا الكلام, لماّ تكثر البدع ويكثر الإلحاد ويكثر العلمانيون والشيوعيون والروافض والصوفية والأحزاب الضالة توقف الإسلام وأطلق العنان للناس يمرحون ويسرحون ويقولون ما يشاؤون، ولا أحد يقول هذا غلط أو هذا منكر ولا أحد يقول هذا مفسد وهذا مصلح ؟!، هذا من الضياع وعدم الفقه في دين الله عز وجل، فالسلف ألّفوا كتبا في العقائد ينتقدون فيها أهل البدع والضلال وسمّوا أفرادا وجماعات فهل هذا يعني انتهى أيضا؟! ونقول: إن المبتدعين الذين كانوا في عهد السلف يناقشون ويُبيّن ضلالهم والآن لا يجوز, حرام, الآن الكلام على أهل البدع حرام وعلى العلمانين حرام وعلى الزنادقة حرام وعلى الروافض حرام وعلى الصوفية حرام -ماشاء الله- هذه دعوة إلى وحدة الأديان أو ماذا ؟! نستغفر الله ونتوب إليه, هذا ضلال, يجب أن يبقى الجرح والتعديل يُذَبُّ به عن دين الله وعن سنة رسول الله إلى يوم القيامة, وأن تُسلّ السيوف أكثر من ذلك لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ودحض الكفر والباطل.

والسلف قالوا : إن الذبّ عن السنة أفضل من الضرب بالسيوف, فالذبّ عن السنة يكون بالجرح والتعديل.

وبهذه المناسبة أقول لكم: إن الحاكم -رحمه الله- في كتابه “معرفة علوم الحديث” قال -وكلامه حق- : الجرح والتعديل علمانعلم الجرح وهو علم مستقل، وهذا يرد منهج الموازنات الباطل, علم الجرح علم مستقل ولهذا ألّف كثيرٌ من الأئمة كتباً مستقلة في الجرح فقط, خصّصوها للجرح، مثل البخاري في الضعفاء والنسائي في المتروكين وابن حبان في المجروحين وابن عدي في الكامل وهكذا الذهبي وابن حجر وغيرهم، كثيرون ألفوا مؤلفات خاصة بالجرح فقط، لأنه علم مستقل, وهذا يقصم ظهر منهج الموازنات ويقصم ظهور أهله، وأئمة آخرون ألفوا كتباً في الثقات مثل الثقات للعجلي والثقات لابن حبان، عرفتم هذا ؟ إذا كان السلف يؤمنون بأن الجرح والتعديل علمان مستقلان فكيف تأتي الموازنات, واحد يؤلّف كتابا خاصا بالجرح ليس فيه أيّ ثغرة لمنهج الموازنات, فهمتم هذا، بارك الله فيكم.

الجرح والتعديل باقٍ إلى يوم القيامة, الناس يريدون أن يستفيدوا من هذا العالم, فتقول لهم هذا عالم فاضل وعلى السنة, تزكيه -بارك الله فيك-, وهذا العالم رافضي, هذا صوفي يقول بوحدة الوجود، هذا علماني, هذا شيوعي يتستر بالإسلام…هذا كذا …هذا كذا …، واجب عليك أن تبيّن، هذا واجب، وهو من الجهاد ولا ينقطع وليس خاصا بالرواة.

ولمّا ذكر الترمذي في كتابه العلل الذي هو في آخر سننه قالهذا العلم -يعني- الناس استنكروا على علماء الحديث الجرح، قال: وقد جرح فلان وفلان, جرح فلان معبد الجهني وجرح فلان جابر الجعفي فبدأ بأهل البدع, لماذا ؟ لأن هذا يُنتقد لبدعته لا لأنه راوٍ.

ثم ألّف السلف في الرد على أهل البدع كما قلنا ولم يخصصوا الجرح والتعديل بالرواة فقط، مبتدع ليس من أهل الحديث أبدا, معتزلي, جهمي, مرجئ …الخ، ليس له علاقة بالرواية لكنه مبتدع، فجرحوه, فمن أين لهؤلاء أن باب الجرح أغلق, هذه مثل دعوة المذهبيين المتعصبين: أن باب الاجتهاد أغلق من القرن الثاني، وبعضهم يقول الثالث، وبعضهم يقول الرابع، يعني خلاص الله عز وجل شلّ عقول المسلمين من ذلك الوقت إلى الآن عقولهم مشلولة لا يستطيعون أن يفهموا كلام الله ولا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا حكم جائر وافتراء على الله تبارك وتعالى، وكذلك هذه فرية، الذي يقول : إن الجرح انقطع وأغلق بابه، هذا والله يجني على الإسلام, اتق الله يا أخي، لا تسدّ باب الجرح والتعديل، ولن يسمع لك أهل الحق وأهل السنة.

الكلمة الشهرية
بشرى لأهل الإستقامة

أقرأ المزيد
القائمة البريدية