الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: من يرد اللهُ به خيرا، يُفَقِّهْهُ في الدين. متفق عليه؛ وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح. والعلم في الإسلام يسبق العمل

المزيد
آخر الأخبار

{ فضائح اليهود }

الحمد لله الذي لايحب المعتدين و لا يهدي كيد الخائنين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: إن الله -تعالى- يقول: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)[الحج: 60].

لم تجتمع كل هذه الصفات إلا في اليهود -قاتلهم الله-، فقد لعنهم سبحانه، أي: طردهم من رحمته، وغضب عليهم مبالغة، وتأكيداً على جرمهم، بل مسخهم إلى قردة وخنازير، وهؤلاء عبدوا الطاغوت- وهو كل ما عبد من دون الله من بشر أو شجر أو حجر أو هوى نفس أو مادة أو نساء أو غرض دنيوي زائل-، وختم سبحانه الآية بقوله: (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)[الحج: 60].

أي أدنى منزلة من غيرهم، وأبعد الناس عن طريق الهدى، قد يأتي سائل، فيقول: ماذا فعل اليهود حتى استحقوا كل هذه الأوصاف الدنيئة والعاقبة الفظيعة؟

وإن بني إسرائيل ما تركوا جريمة منكرة إلا وفعلوها، ولا ضلاله إلا اتبعوها، والآيات الكريمة في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في وصفهم، وبيان ما فعلوه كثيرة، حتى إنها لتصور جرائمهم أبلغ تصوير، فهم الذين عبدوا العجل لما ذهب موسى -عليه السلام- لميقات ربه ليلقي إليه الألواح التي فيها شرائعهم وعقائدهم: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ)[البقرة: 51].

ولما أنزل الله عليهم المن والسلوى -وهما من أطيب أنواع الطعام-، وجعل السحاب والغمام ساتراً لهم من حرارة الشمس؛ جحدوا نعمة الله عليهم، وقالوا: (يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ)[البقرة: 61].

وطلبوا العدس، والبصل، والثوم، وغير ذلك.

ولما أمرهم بدخول القرية المقدسة وهي أرض آبائهم وأجدادهم ماذا كان موقفهم؟

لنستمع سوياً للسياق القرآني في ذلك: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)[البقرة: 58-59].

ومعنى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) أي: بدل أن يقولوا حطة.

ومعناها: اللهم احطط عنا خطايانا وذنوبنا، قالوا: حبة حنطة في حبة شعير!.

فهل رأيتم -عباد الله -: كيف استهزؤوا بأوامر الله -سبحانه وتعالى-، وبأوامر رسوله موسى -عليه الصلاة والسلام-؟!.

ولم يرسل إلى أمة من الأمم مثلما أرسل إلى بني إسرائيل من الأنبياء والمرسلين وذلك لكثرة تكذيبهم، ولحقارة ودناءة نفوسهم، بل لقد كانوا يقتلون أنبياءهم، ويقدمون رؤوس بعضهم مهراً للبغايا من بنات الهوى عندهم.

ولتعلموا ،عظم جرمهم، فاسمعوا ماذا يقول لكم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار" أي يبيعون ويشترون وكأن الأمر لا يعنيهم، والرسول يقول: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبياً، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين"[رواه أحمد في المسند 12/407].

لقد حاول اليهود كذلك قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذهب إلى يهود بني النضير ليستعين بهم على قضاء ديتين كانتا على المسلمين، أجلسوه تحت جدار، وأرادوا أن يلقوا على رأسه حجراً ليقتلوه -بأبي هو وأمي- فأتاه الخبر بذلك سريعاً، وأمر بإجلائهم وإخراجهم من المدينة المنورة، وسورة الحشر تبين قصتهم ومكرهم ومكر الله بهم.

ولقد سمت النبي -صلى الله عليه وسلم- يهودية، إذ سألت من أي موضع من الشاة يحب أكله، فأخبرت بأنه الذراع، فسممت ذراع الشاة وقدمتها له هدية فأكل، ولم يستسغه فتفله، وقال: "إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة" أو كما قال، وأكل معه صحابي جليل فمات -رضي الله عنه-.

ولما حضرت النبي الوفاة كان يعاني من أثر السم كما أخبر هو بذلك، ولقد بلغ اليهود رتبة أسفل ومنزلة أخس من الدناءة، إذ قد سبوا الله -سبحانه وتعالى- الله علواً كبيراً -: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)[المائدة: 64].

واليهود هم أعدى أعداء المسلمين، وعداوتهم لنا تاريخية قديمة قدم التاريخ نفسه، ويشهد بذلك ربنا ولا أعظم شهادة من الله إذ يقول: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82].

ويصفهم الله بوصف قبيح، فيقول: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[المائدة: 64].

أي يجتهدون في نشر الفساد بكل أنواعه في الأرض التي خلقها الله ومن عليها لتعمر بشرع الله، ولتحكم بحكم الله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 65].

وهم في سبيل نشر الفساد الخلقي أو العقائدي، أو في مجال نقض العهود -ونقض العهود من سماتهم وصفاتهم المتأصلة في طيات نفوسهم-، يتوارثون هذه الصفة كابراً عن كابر، وأباً من جد.

لقد نقضوا عهود موسى وعيسى وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد خذلوا المسلمين في غزوة الأحزاب وذلك بالمفاهمة مع المشركين، والاتفاق معهم أن يطبقوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الجهتين، المشركون من جهة واليهود من خلف المسلمين، فقتل النبي مقاتلهم وكل من أنبت منهم، وسبى ذراريهم ونساءهم، ويحكي الله قصتهم مع موسى، فيقول: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[البقرة: 63-64].

هذا ديدنهم، وهذه طبيعتهم: نقض العهود والمواثيق: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)[البقرة: 100].

ومن هنا يجب على المسلمين ألا يطمعوا في ود بني إسرائيل في يوم من الأيام أو في مسالمتهم، فهذا حكم القرآن فيهم، وهذا وصف الله لهم: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)[النساء: 122].

الكلمة الشهرية
بشرى لأهل الإستقامة

أقرأ المزيد
القائمة البريدية