الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: من يرد اللهُ به خيرا، يُفَقِّهْهُ في الدين. متفق عليه؛ وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح. والعلم في الإسلام يسبق العمل

المزيد
آخر الأخبار

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:

فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حقّ التقوى ،واعلموا أنّ أجسادكم على النّار لا تقوى ،فإنّ من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير دينه ودنياه.

وإنّ من علامات أهل التقى والصلاح ،والفوز والفلاح ، الإيمان بالتنزيل ،والخوف من الجليل ـ سبحانه وتعالى ـ .

إنّ أهل التقى والصلاح ،يخافون ربّهم من فوقهم لعلمهم أنّه مطلع على أسرارهم ،لايخفى عليه شئ منهم ،يعلم سرهم ونجواهم ، فخشوه أشدّ الخشية ،ورجوه أعظم الرّجاء ،فقادهم خوفهم إلى الصدق والإخلاص ،والمتابعة للرحمة المهداة ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

فهو أشدّ الخائفين وأعظم الرّاجين ، وسيد المخلصين فلا سلامة إلاّ بالإخلاص ،

قال تعالى في كتابه الكريم:﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾[ البينة: 5].

لقد خلق الله ـ سبحانه ـ جميع ما في هذا الكون لحكمة منه ـ سبحانه وتعالى ـ، فما خلق شيئا عبثا ، ولما لا ؟ وهو أحكم الحاكمين ، خلق الخير والشر ،ليختبر العباد ، ويميز الخبيث من الطّيب ، وليعلم الشّقي من السعيد.

إنّ الذنوب والمعاصي والملذات ،والشهوات ابتلاءات ،يبتلي الله بها عباده ،ليعلم من يخافه بالغيب.

يقول ابن القيم – رحمه الله – : ((إن الخوف علامة على صحة الإيمان وترحُلَّهُ عن القلب علامةُ ترحل الإيمان منه)). إن الخوف من الله سراج القلب، وكل أحدٍ إذا خفته هربت منه إلا الله عز وجل ، فإنك إذا خِفته فررت إليه.

إن الخائف الوجل يعمل العمل ويخاف ألا يقبل منه، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }.[ سورة المؤمنون: 60]

قالت عائشة – رضي الله عنها – عندما نزلت هذه الآية سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يابنت الصديق ، لكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ، وهم يخافون ألا يُقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات.

قال الإمام الألباني – رحمه الله – : ((والسر في هذا الخوف ليس خشية ألا يوفيهم الله أجورهم ، فإن الله لا يخلف وعده ، وإنما السر أن القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما أمر الله عز وجل ، وهم لا يجزمون بأنهم قاموا بها على مُراد الله ، بل يظنون أنهم قصَّروا فيها، فهم يخافون ألا تُقبل منهم.

ثم هاهو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أعظم المتقين ،وأشد الخائفين ، بشهادة القرآن الكريم ، يعلن خوفه من الله ـ سبحانه وتعالى ـ ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾

﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}

[ الزمر: 13]

لقد قاد الخوف من الله ، الخائفين إلى التقى ، فاستوى تقاهم في سرهم ونجوهم ،عملا بوصية نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمعاذ رضي الله عنه ،حيث قال (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي وحسنه الالباني

أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في محبته واتباعه في هديه ظاهرا وباطنا ونصرة دينه والاجتهاد في نشر سنته.

الكلمة الشهرية
بشرى لأهل الإستقامة

أقرأ المزيد
القائمة البريدية