الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:
فقد كنّا في مواضيع سابقة ،تحدثنا عن الذّكر وفضل الاشتغال به ،ومن أنواع الذكر الّتى ينبغي على الإنسان الإشتغال بها ،هو طلب العلم وتحصيله ،بمعرفة الحلال والحرام ،ومدارسة القرآن الكريم ،وتدبّره ،بمعرفة سنّة رسوله ـصلى الله عليه وسلم ـ ،وسيرته وأخباره ،وهذا هو خير الذكر وأفضله ،ومجالسه خير المجالس ،وطلب العلم مكانته ومنزلته عظيمة في ديننا الحنيف ، فهو أساس لابد منه ،ولايمكن أن تقام الشريعة ، وأن تحقق العبودية الّتى خلق العبد لأجلها وأوجد لتحقيقها إلاّ بالعلم ، فهو أساس لابد منه وبه يبدأ وهو المقدّم ، كما قال الله عزوجل {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}محمد19
فبدأ جلاّ شأنه بالعلم ، بدأ بالعلم قبل القول والعمل ،
فحاجة النّاس إلى العلم ، أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب،فالعلم نور وضياء لصاحبه ، ولهذا يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ {مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ} رواه أبو داود (3641)، وابن ماجه (223) وصححه الالباني
فمن أراد العزّ والمنازل العالية فعليه بالجدّ والإجتهاد في حمله لهذه الأمانة .
ونسأل الله أن يفقهنا في الدّين إنّه ولي ذلك والقادر عليه.