السؤال
احسن الله اليكم شيخنا ما حكم ما يفعله بعض الاخوة وهو عند دخول المسجد و الامام قد ركع فيدب راكعا ليدخل الصف ولكن لا يدركه لان الامام قد رفع من الركوع مما يضطره الى المشي ليدخل الصف فما حكم هذا الفعل بارك الله فيكم وفي علمكم
الجواب
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخرج البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ، ثم دبّ حتى انتهى إلى الصف ، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال إني سمعت نفسا عاليا ، فإيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف ؟ قال أبوبكرة أنا يا رسول الله ، خشيت أن تفوتني الركعة فركعت دون الصف ثم لحقت الصف ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصا ولا تعد
وفقك الله لكل خير اعلم أن الأمر الذي سألت عنه أمر مهم وأيضا أخى السائل عليك ان تعلم أن الخلاف الحاصل بين أهل العلم في هذه المسألة هو في معنى قوله ولا تعد
قال الحافظ رحمه الله
اختلف في معنى قوله ولا تعد فقيل نهاه عن العود إلى الإحرام خارج الصف ، وأنكر ذلك أبوحاتم ابن حبان ، فقال : أراد لا تعد إلى الإبطاء في المجي إلى الصلاة ، وقال ابن القطان الفاسي ، تبعا للمهلب بن أبي صفرة ، معناه لا تعد إلى دخولك للصف وأنت راكع ، كمشية البهائم ! وقال غيره : بل معناه لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرعا . ا ه تلخيص الحبير
قال الإمام أبي جعفر الطحاوي
ففي هذا الحديث أنه ركع دون الصف ، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة ، فلو كان من صلى خلف الصف لا تجزئه صلاته لكان من دخل في الصلاة خلف الصف لا يكون داخلا فيها ، ألا ترى أن من صلى على مكان قذر أن صلاته فاسدة ؟ ومن افتتح الصلاة على مكان قذر ثم صار الى مكان نظيف أن صلاته فاسدة ؟ فكان كل من افتتح الصلاة في موطن لا يجوز له فيه أن يأتى بالصلاة فيه بكاملها لم يكن داخلا في الصلاة ، فلما كان دخول أبى بكرة في الصلاة دون الصف دخولا صحيحا كانت صلاة المصلي كلها دون الصف صلاة صحيحة ا ه شرح معاني الآثار
قال الحافظ الإمام أبوحاتم ابن حبان
هذا الخبر من الضرب الذي ذكرت في كتاب فصول السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ينهى عن شيء في فعل معلوم ويكون مرتكب ذلك الشيء المنهي عنه مأثوما بفعله ، ذلك إذا كان عالما بنهي المصطفى صلى الله عليه وسلم عنه ، والفعل جائز على ما فعله ، كنهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يستام على سوم أخيه ، فإن خطب امرؤ على خطبة أخيه بعد علمه بالنهي عنه كان مأثوما والنكاح صحيح ، فكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة زادك الله حرصا ولا تعد فإن عاد رجل في هذا الفعل المنهي عنه وكان عالما بذلك النهي كان مأثوما في ارتكابه المنهي وصلاته جائزة ، ولو لم تجز الصلاة بهذا الوصف لأبي بكرة لأمره صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة وقوله ولا تعد أراد به لا تعد في إبطاء المجيء إلى الصلاة ، لا أنه أراد به أن لا تعود بعد تكبيرك في اللحوق بالصف ا ه صحيح ابن حبان
أقوال كبار الصحابة في هذه المسألة
عن زيد بن وهب قال خرجتُ مع عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه من داره إلى المسجد، فلمّا توسّطنا المسجد، ركع الإمام، فكبّر عبد الله وركع وركعتُ معه، ثم مشينا راكعَين حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القومُ رؤوسَهم، فلمّا قضى الإمامُ الصلاة، قُمتُ وأنا أرى أنّي لم أُدرِك، فأخذ عبد الله بيدي وأجلسني، ثم قال : إنك أدركتَ .
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في المعحم الكبير وغيرهم بسندٍ صحيح .
و عن عطاء أنه سمع ابن الزبير رضي الله عنهما على المنبر يقول إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوعٌ، فليركع حين يدخل ثم يدبّ راكعاً حتى يدخل في الصف، فإن ذلك السنة .
رواه ابن خزيمة والطبراني في المعجم الأوسط والحاكم في المستدرك
عن القاسم بن ربيعة عن أبي بكرة رجل كانت له صحبة أنه كان يخرج من بيته فيجد الناس قد ركعوا , فيركع معهم , ثم يدرج راكعاً حتى يدخل في الصف وثم يعتد بها
قال الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة
هذا إسنادٌ صحيح، رجاله كلهم ثقات، وفيه حجّة قوية أن المقصود بالنهي إنما هو الإسراع في المشي، لأن راوي الحديث أدرى بمرويِّهِ من غيره، لا سيّما إذا كان هو المُخَاطَب بالنهي . اهـ .
ويتلخص مما تقدم أنه يجوز الركوع دون الصف
هذا وصلى الله على نبينا محمد و أله وسلم