الوَلاءُ والبَراءُ مَبنيَّانِ على قاعِدةِ الحُبِّ والبُغضِ، وبناءً على ذلك يمكِنُ تقسيمُ النَّاسِ في هذا الجانِبِ إلى ثلاثةِ أصنافٍ:
الأوَّلُ: مَن يُحَبُّ جُملةً، وهو مَن آمَنَ باللهِ ورَسولِه، وقام بشَرائعِ الإسلامِ عِلمًا وعَمَلًا واعتِقادًا، فأخلَصَ أعمالَه وأفعالَه وأقوالَه للهِ، وانقاد لأوامِرِه، واجتَنَب نواهِيَه.
الثَّاني: مَن يُحَبُّ مِن وَجهٍ، ويُبغَضُ مِن وَجهٍ، وهو المسلِمُ الذي خَلَط عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، فيُحَبُّ بقَدرِ ما معه مِن خَيرٍ، ويُبغَضُ بقَدرِ ما معه من شَرٍّ.
قال اللهُ تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
فجعَلَهم إِخوةً رَغْمَ وُجودِ الاقتِتالِ وحُصولِ البَغْيِ مِن بَعْضِهم.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
كان السَّلَفُ مع الاقتِتالِ يُوالي بَعضُهم بَعْضًا مُوالاةَ الدِّينِ، لا يُعادُونَ كمُعاداةِ الكُفَّارِ؛ فيَقبَلُ بَعضُهم بشهادةِ بَعضٍ، ويأخُذُ بَعضُهم العِلمَ عن بَعضٍ، ويتوارَثونَ ويَتناكَحونَ، ويَتعامَلونَ بمُعاملةِ المُسلِمينَ بَعضِهم مع بَعضٍ مع ما كان بيْنهم مِنَ القِتالِ والتَّلاعُنِ وغَيرِ ذلك .