الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: من يرد اللهُ به خيرا، يُفَقِّهْهُ في الدين. متفق عليه؛ وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح. والعلم في الإسلام يسبق العمل

المزيد
الكلمة الشهرية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:

أيّها المسلمون ، اتقوا الله تعالى واشكروه ،اشكروه باللسان والجنان ،والعمل بالأركان ،إنّ الله تفضل عليكم ورزقكم من الطيبات ،وأغناكم عن الحاجه ،وصان وجوهكم عن مذلة السؤال ،فعليكم أن تقدروه حق قدره ، وأن تشكروه حقّ شكره ،على ما منحكم وأولاكم ، ليحفظ عليكم نعمه ، وليزيدكم من فضله ،﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾

[ سورة إبراهيم: 7]

إنّ الشكر ،امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه ،وإنّ من امتثال أوامر الله ، الاحسان إلى الفقراء ، والعطف على المعوزين وذوي الحاجات البائسين ،وإنّ كل نعمة أنعم الله بها عليك أيّها المسلم لها نوع من الشكر يخصها ويناسبها،فشكر المال أن تحسن كما أحسن الله إليك ،وأن تؤدي حقه الواجب عليك ، من نفقة واجبة ، وزكاة مفروضة ، وتيسير على معسر ، وتفريج عن مكروب ،وإغاثة لملهوف ،إنّ المال الذي تنفقه في هذا السبيل هو مالك الحقيقي .

فعن مطرف عن أبيه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت :{قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح}

عباد الله : إنّ الزكاة ركن من أركان ديننا الحنيف ، وأصل من أصول شريعتنا السمحة :﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾

[ سورة البينة: 5]

ففي الزكاة تزكية للأموال ونمومها وزيادتها ،وفيها حفظها عن التلف والهلاك ،وفيها تزكية النفوس ، من الشح والبخل ، والنبي ـصلى الله عليه وسلم ـ حذر غاية التحذير من الشّح ، فقال ـصلى الله عليه وسلم ـ «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» رواه مسلم.

إنّ فريضة الزكاة من محاسن هذا الدّين ، إنّ فيها مصلحة الغني وفائدة الفقير ،وإنّ فيها النفع العام والخاص ،وإنّها عون كبير على نوائب الحقّ في الإسلام ، فبها تدفع حاجة الفقير والمسكين ، وإنّ الله افترضها وقسمها بنفسه .

فقال تعالى :﴿ ۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾

[ سورة التوبة: 60]

فأدوا عباد الله زكاة أموالكم ، استجابة لأمر ربكم ، وحذرا من أليم عقابه ، واغتناما لزيادة مابأيديكم ، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنّه قال :{مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا }

إنّ أعظم العقوبات ، وأشدّ الحسرات ، ما يلقاه العبد عندما يفارق أهله وذويه ، وماله وبنيه ، ويودّع في قبره وحيدا ،لا أنيس ولا جليس فيه ،إلاّ عمله الصالح ،في ذلك الحين لا ينفعه الندم

﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾[ سورة الشعراء: 88/89]

وفقنا الله وإياّكم لما يحبه ويرضاه .

الكلمة الشهرية
بشرى لأهل الإستقامة

أقرأ المزيد
القائمة البريدية