الحمد لله على نعمة الثبات على الإسلام والسُّنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.
أمَّا بَعْدُ:
اعلموا رحمكم الله أنّ الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال، أنه لا يمكن أن يكون خروجاً بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، فلا بد من أنه هناك شيء يثيرهم وهو الكلام،والخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام،بسبهم وشتمهم في المجالس وعلى المنابر فتراهم يقدحون في وَليَّ أمرهم ، ويهيجون الناس على الحاكم المسلم ويدعون الناس الى المظاهرات و الاعتصامات والفتن وحرق البلاد والعباد فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة
والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر؛ فلا يبدِ له علانيةً ولكن ليأخذْ بيدِه، فيخلوا به، فإن قَبِلَ منه فذَّاكَ، وإلا كان قد أدَّى الذي عليه. رواه أحمد و صححه الألباني
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال: خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
وهذا أكبر دليل على ان الخروج على الامام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام.
وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا لا يشهرون بالحاكم إذا أخطأ بل يكلمونه سراً؛ فعن أسامة بن زيد أنه قيـل له: ألا تدخل على عثمان لتكلمه ؟ فقال : " أتـرون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟ ، والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ، ما دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه. متفق عليه
قال ابن تيمية :
كان السلف كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبـل و غيرهما يقولون : لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان.
سُئل العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- (الموقع الرسمي للشيخ): هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فأجابَ حفظه الله تعالى: الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول ، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويبغَّض ولاة أمور المسلمين إلى الناس، فإن هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف؛ لأنه يُفسِد العقيدة، ويُحرِّش بين الناس، ويُلقي العداوة بينهم، وربما يسبب حمل السلاح.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله (لقاء الباب المفتوح: 62):
هناك فرق بين أن يكون الأمير أو الحاكم الذي تريد أن تتكلم عليه بين يديك وبين أن يكون غائباً؛ لأن جميع الإنكارات الواردة عن السلف إنكارات حاصلة بين يدي الأمير أو الحاكم.وهناك فرق بين كون الأمير حاضراً أو غائباً.الفرق أنه إذا كان حاضراً أمكنه أن يدافع عن نفسه، ويبين وجهة نظره، وقد يكون مصيباً ونحن مخطئون، لكن إذا كان غائباً وبدأنا نحن نفصل الثوب عليه على ما نريد هذا هو الذي فيه الخطورة، والذي ورد عن السلف كله في مقابلة الأمير أو الحاكم، ومعلوم أن الإنسان لو وقف يتكلم في شخص من الناس وليس من ولاة الأمور وذكره في غيبته، فسوف يقال: هذه غيبة، إذا كان فيك خير فصارحه وقابله.
و الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين.
قال الآجري رحمه الله في الشريعة (ص21):
لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صاموا وصلوا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس بنافع لهم لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذر الله عز وجل منهم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذرنا الخلفاء الراشدون بعده، وحذرنا الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله عليهم.
و اعلموا أن الخوارج القعدة أخطر ممن خرجوا بالسلاح و أخطر من الخوارج أنفسهم يقولون بقولِهم، ولا يرون الخروج بل يزينونه ونذكرمنهم عرعور ومحمد حسان و الحويني و سلمان فهد العودة و القرضاوي و غيرهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله -واصفاً الخوارج القعدية - (تهذيب التهذيب: 8/ 114): والقعد الخوارج، كانوا لا يرون الحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة ويدعون إلى رأيهم ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة عمران بن حطان (الإصابة في تمييز الصحابة 5/302):
تابعي مشهور وكان من رؤوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وان كانوا يزينونه.اهـ.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه أبو إسلام سليم بن علي بن عبد الرحمن بن الصحراوي حسان بليدي
الجزائري