الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :أما بعد: فإن هذه القلوب تصدأ؛ كما يصدأ النحاس والفضة؛ وصُدُوُّها بالغفلة والذنوب؛ ومن كانت الغفلة أغلب أوقاته، صار الصدأ متراكمًا على قلبه، وكلما عظمت الغفلة، عظم صدأ القلوب؛ حتى يفسد تصورُ صاحبه وإدراكه، وينطمس نور قلبه وتعمى بصيرته.
هذا وإن لكل شيء جلاء، وجلاء القلوب ذكر الله -تعالى-، فإن الذكر يجلو القلوب حتى يدعها كالمرآة الصافية.
قال الله -تعالى-: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)[الكهف: 28]، وقال -تعالى-: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ)[الأعراف: 205].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه؛ كمثل الحي والميت".
{رواه البخاري}
وقد دلت النصوص الكريمة على فِضْل الذكر والحث على المداومة عليه؛ زيادة في أجور العباد؛ وتثقيلا لموازين أعمالهم؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم؛ وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم؛ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله".
{ أخرجه الترمذي .}صححه الالباني
وجاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: إن شرائع الإيمان قد كثرت عليّ؛ فأخبرني بشيءٍ أتشبث به. قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله -تعالى-".
{رواه الترمذي وصححه الألباني،}
وهذا من أعظم الحث على لزوم ذكر الله -تعالى- على جميع الأحوال؛ لأن الذكر عمل يسير يستطيعه كل أحد؛ من كان متعلمًا وغير متعلم.
{والله الموفق لما يحبه ويرضاه}