ممَّا لا شك فيه أن الشائعات لها دورٌ خطير في زعزعة أمن الناس واستقرارهم؛ فهي تثير القلاقل والفتن، التي تفرِّق بين المسلمين، وتوقد نار الشحناء والبغضاء بينهم، وتعمل على نشر الأكاذيب والترويج للباطل؛ فتقلب الأمور، وتبدِّل الأحوال، والسبب أن الناس يَنقُلون الكلام دون تثبُّت من صحته، ويظنُّون أن هذا الأمر هين، ولكنه عند الله عظيم.
قال تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾
فلا بد من التبيُّن في الأمر، والتَّثبُّت من الخبر قبل نقلِه والترويج له، وهذا مَطلب كلِّ إنسان عاقل؛ حتى يَستبين له الحق، ويقف على حقيقة الأمر، وهذا ما أمرَنا به القرآن الكريم؛ حيث قال رب العالمين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "يَأمر تعالى بالتَّثبُّت من خبر الفاسق؛ ليَحتاط له؛ لئلاَّ يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذبًا أو مخطئًا". اهـ.
وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "إنكارٌ على مَن يبادر إلى الأمور قبل تحقيقها، فيخبر بها ويغشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة".
وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من العجلة وعدم التثبت:
فقد أخرج الإمام مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع.
وفي "سنن أبي داود" بسند صحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بئس مَطيَّةُ الرجل: زعَموا