الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: من يرد اللهُ به خيرا، يُفَقِّهْهُ في الدين. متفق عليه؛ وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح. والعلم في الإسلام يسبق العمل

المزيد
الجرح و التعديل اسبابه و ضوابطه

 

الحمدُ لله هدانا لأحسنِ الأعمال والأقوالِ والأخلاقِ، نشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له العليمُ الخَلاَّقُ, ونشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه بعثَهُ اللهُ لِيُتَمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ, صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ التَّلاق.

أمَّا بعدُ:

علينا أن نعلم جميعا أن الراسخون في العلم في كل زمان هم المرجع في فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ومن سار على منهجهم.

وأيضا علينا أن نعلم أن الكلام في الناس باب خطير و الحكم عليهم بالذم أو المدح ذو شأن وأهمية عظيمة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ : دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ رواه مسلم

ويشتد الأمر إذا كان الأمر يتعلق بطلبة العلم السلفيين و العلماء الربانيين الراسخين في العلم

وعلينا أن نعلم أيضا أن الغيبة و النميمة من الموبقات و المُهْلكات التي تهلك صاحبها و هي من كبائر المعاصي والذُّنوب و أعراض المسلمين حفرة من حفر النار إياك إياكَ يا أخي والانتصارَ للنفسِ و الإنتقام لها حتى و لو كان الحق معك؛ فإنه لا بد من الإخلاص و اعلم أن الإنتصار للنفس يأكل النية الصادقة كما تأكلُ النارُ الحطَبَ.و اعلم انه لا خير فيمن لا ينصح و فيمن لا يقبل النصيحة

يقول بن بطَّة رحمه الله تعالى:اغتِمامُك بصوابِ غيرك غِشٌّ فيك، وسُوءُ نيَّةٍ في المسلمين. فاعلَم أن من كرِهَ الصوابَ من غيرِه، ونصرَ الخطأَ من نفسِه، لم يُؤمَن عليه أن يسلُبَه الله ما علِمَه، ويُنسِيَه ما ذكرَه، فمن سمِع الحقَّ فأنكرَه بعد علمِه له فهو من المُتكبِّرين على الله.

و اعلم أنه لا يتصدر إلى هذا العلم الذي هو من أجل العلوم إلا من كان عالما عارفا بأسباب وضوابط الجرح و التعديل

قال الذهبي - رحمه الله: ولا سبيل إلى أن يصير العارف-الذي يزكي نقلة الأخبار ويجرحهم-جهبذا إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى العلماء والإتقان تذكرة الحفاظ 1/4.

سئل الشيخ زيد حفظه الله

السائل : فضيلة الشيخ , هل لطلبة العلم بيان حال المنحرفين إذا اقتضى الحال البيان أم هو مختص بالعلماء ؟

الجواب :

من عرف الحق وجب عليه بيانه عند اقتضاء الحال لذلك وعند لزوم الأمر وعند التقيد بمنهج الدعوة الصحيح , ومن عرف الباطل كذلك وجب عليه بيانه ولكن بالضوابط الشرعية وبآداب الدعوة السلفية , والعلماء هم الذين يحسنون الدعوة في هذا الباب ويحسنون معالجة هذه الأمور , فلا يستعجل طالب العلم المبتدئ أو المتوسط ولا يحمله الحماس على ترشيحه لنفسه في تخظئة الناس أو الحكم عليهم بالضلال أو البدعة , حتى يتأكد ويدع الحكم لغيره ومناقشة هذا الأمر لغيره وهو يكون من خير الأعوان على نشر الخير وقمعاً للبدعة , ولكن يجب أن يكون منضبطاً ويجب أن يكون متأنياً حتى لا يصدر الأحكام مجازفة بدون علم وبدون فهم في الأمور والحقائق فيقع فيما يضر ولا ينفع .

العقد المنضد الجديد في الإجابة على مسائل الفقه والمناهج والتوحيد : 1/154

قال الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله تعالى

أنصح هؤلاء الأخوة وغيرهم أن يرفعوا ما يشكل عليهم إلى الموثوق بهم من أهل العلم ,الذين هم على السنة من ألأكابر فإن نقلهم ما لديهم من قضايا هم فيها على خلاف مع بعضهم ستجد حلا لدى إخوانهم و أشياخهم من أهل العلم والفضل وأن لا يتعجلوا في الهجر ,الهجر ينبغي أن يكون منا لأهل البدع الدعاة إلى البدع إذا قدرنا عليه، نعم وتحققت المصلحة وقد بينت هذا في عدة أجوبة مني عبر هذا الموقع سحاب انتهى

وقال النووي - رحمه الله -: إنما يجوز الجرح لعارف به مقبول القول فيه، أما إذا لم يكن الجارح من أهل المعرفة أو لم يكن ممن يقبل قوله فيه فلا يجوز له الكلام في أحد من الناس فان تكلم كان كلامه غيبة محرمة

شرح صحيح مسلم للنووي1/ 124.

يقول الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

لا يجوز أن يكون الجرح إلا مِن متأهل؛ مِن عارف بأسباب الجرح وطرائق الجرح التي تدعوا إلى هذا الجرح؛ فإذا لم يكن عالما فلا يُقبل، إذا لم يكن عالماً بأسباب الجرح ودواعيه وطرائقه، هذا لا يُقبل قوله، فالجاهل بهذه الطرائق لا يعول عليه، وإنما المعول على أهل العلم في ذلك والمعرفة في هذا الباب،

أنت الآن تنظر في نقاد الحديث المتساهل-وهو من نقاد الحديث- المتساهل هل يقبل قوله؟ يقبل؟ ما يقبل قوله، تتركه عنده، المتشدد هل يقبل قوله مطلقاً؟ ما يقبل قوله، القول للمعتدل، فإذا وافق المعتدل المتشدد كان الميزان، وإذا وافق المعتدل المتساهل كان الميزان، لم؟ لأن المتشدد قد يجرح بما ليس بجارح، والمتساهل قد لا يجرح حتى بالجوارح، الأسباب الجارحة لا يجرح بها ويفوتها ويتساهل في ذلك، فالعلم وسط، العدل هو الحق في هذا، فمن لم يكن عالماً فكيف يقبل بعد ذلك منه.

وطالب العلم طريقه في هذا النقل، فإذا تأهل وانتهى الى سن ومعرفة تؤهله بعد ذلك فلا مانع ، والنقل أن يسمع هو من العالم المتأهل، أو يخبره الثقة الضابط، وما أعز هذا اليوم، تقول له: عمرو فيسمعه زيد وينطقه خالد ويكتبه بكر، هو ثقة يعني في نفسه ديانةً ما هو كذّاب، لكنه ضابط ما هو ضابط، فلابد أن يكن العدل ضابط، يرويه عدل ضابط الفؤاد؛ إذا قلت له زيد ينقله زيد، عمر ينقلع عمر، فالآن كثير من أبنائنا لا تتهمه بالكذب، لا والله، لكن سيء الحفظ، سيء الحفظ، فربما لو بنيت على مقالته هدمت، يعني شيئاً كثيرا وأحدثت شراً مستطيرا، فالواجب التريث والتأني.

فأنا لاجل هذا وما مر بي وعانيته في هذه الآونة أقول: لابد أن يكون الرواية بالحرف ما هو بالمعنى؛ لأن المعنى اليوم تقول له زيد فيسمعه عمرو وينطقه خالدا ويكتبه بكرا، فلابد من الرواية بالحرف وإلا حصل شئ كثير من الفساد والشر، فالطالب طريقه النقل والحمد لله الآن قد تيسرت الأسباب، التسجيل نقل، والكتابة نقل،وأيضاً صرت أخاف في الآونة المتأخرة هذه الأيام من التسجيل لأنه صار يقولون يُبتر وينصل، ما أدري ماذا يقولون فيه؟، يدبلج، نعم يدبلج، فلا أحسن من الكتب بهذا القلم (..) وتوقع عليه، تشرق وتغرب خطك بيدك مرة، فمثل هذا الذي ينبغي أن يُعوَّل عليه، فينبغي لنا جميعا أن نتوثق في النقل عن العالم الفلاني، هذا باب.

الباب الآخر الذي أحب أنا أيضًا أن أنبه عليه هو: هذا الجانب بالذات أن يكون يا أبنائي هدفنا وقصدنا خالصاً لوجه الله - تبارك وتعالىٰ- ما هو فلان ولا فلان، أن يكون القصد بنصرة الدين والسنة وإعزاز الدين والسنة، لا الانتصار لفلان على فلان أو لفلان على فلان، فلك أن تسال بحاجتك وقدر حاجتك لاستقامة دينك، واستقامة دين إخوانك تحذرهم مما فيه شرهم أو الشر عليهم، وتحثهم على ما في خيرهم والخير لهم؛ فهذا المقصد في الجرح والتعديل: حماية الدين وصيانة الملة واستقامة الأمة، فقام عند ذلك الأئمة بخدمة الدين-وقديماً حفظت بنصرة الدين- ونصح الأمة،

فالمقصد حينما تأتي الفتن ويأتي البلى فيتدخل أهل الحل والعلم في هذا مقصدهم هذين الأمرين: حماية الدين وصيانة الشريعة والملة ونصح الأمة، حتى يبقوا على هذه الشريعة البيضاء النقية التي تركنا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعلى الإنسان أن يسأل إذا أراد أن يسأل في الجرح والتعديل، أن يسأل فيما ينفعه وفيما يحتاج إليه وأن يكون باب خير، أما أن ينتقل إلى مقاصد أخرى فهذا يفوت عليه من الخير والتوفيق.

يا أبنائي وإخوتي؛ والتسديد بقدر ما جاءه في نيته من مخالطة، فلان رد عليك تكلم فيك لا يضرك، أنت اجعل نيتك لوجه الله تعالىٰ خالصة ونصرة الدين، لا تنتصر لنفسك، إذا انتصر الدين وقام الدين هذا هو الأصل، نفسك آخر ما تفكر فيه؛ بل النفس أنت مأمور بإزهاقها في سبيل الله -تبارك وتعالىٰ، فهذا الذي يأتيك وينالك في مقابل خدمتك ودفاعك وذبك عن السنة، والطريقة الصحيحة، هذا من باب الابتلاء فاصبر، ولو كل واحد تكلم فيك -أصبح الكلام- يعني إذا رددت عليه أصبح الكلام يعني يتهم فيه الإنسان لحظوظ نفسه، ينبغي أن يكون ما كان للدين خالصاً (..يتكلم)، ما كان للنفس وحظ النفس أن يترك، والله -سبحانه وتعالىٰ- كفيل بأن يجعل لك لسان صدق في الآخرين، وكفيل بأن يقيض لك مَنْ يدافع عنك في غيبتك، إذا تركت ما يتعلق بشخصك لله -تبارك وتعالىٰ-؛ لأنَّك إذا قمت لا تقصد إلا نصرة الدين وبيان الدين؛ فإن الله -سبحانه وتعالىٰ- سيعينك ولو تكلم فيك من تكلَّم، فأنت إنَّما تسأل في الجرح والتعديل من أجل ما ينفعك في دينك وما ينفع إخوانك في دينهم، وأما ألا يعني تنتفع أو تثير الفتن بين الناس فهذا صاحبه غالباً ما يوفق للخير ويكون مفتاحاً للشر، نسأل الله العافية والسلامة ا.هــ

قال الشيخ ربيع حفظه قال :

وأدلة الشهادات وأدلة الجرح والتعديل شيء واحد، فإنَّ غير العدل لا تقبل شهادته وغير العدل لا تقبل روايته، الكذاب، الخائن، الذي لا يضبط الكلام؛ هذا لا تقبل منه شهادة ولا يقبل منه جرح ولا تعديل. وإذا كان عالماً وضابطاً ومتقناً وطعن في شخص قال: "فلان كذاب"، يجب على الناس أن يقبلوا قوله، وسار السلف على هذا المنهج.

وقد أصبح اشتغال بعض الشباب بأخطاء الآخرين آفة عظيمة ابتلي بها الناس اليوم ،مرة وصلتني رسالة من أحد الاخوة من فرنسا يحذر فيها من زوجته و يذكرها بالاسم و بعدها بساعة أرسل رسالة أخرى يقول فيها أنها تابت إلى الله و أنا الأن لا أحذر منها و الله المستعان على هؤلاء السعي في طلب العلم النافع والاجتهاد في تزكية نفوسهم .

هذه بعض الشروط يجب مراعاتها عند الرد على المخالف

إن خطر أهل البدع على الإسلام أشد من خطر الكفار كما يرى الكثير من علماء المسلمين لأن أهل البدع يقدمون بدعهم على أنها دين ويدعون الناس إليها و هذا خطر عظيم وفيه إبعاد الناس على الحق وتضليلهم ولا حول ولا قوة إلا بالله

وقيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :

الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل .

قال ابن تيمية رحمه الله:

الراد على أهل البدع مجاهد حتى كان يحيى بن يحيى يقول الذب عن السنة أفضل من الجهاد.

مجموع الفتوى

هذه بعض النصائح لمن أراد الرد على المخالف

1من أراد أن يرد على المخالف فعليه أن يخلص النية لله جلا وعلا ولا تكون نيته التشهير أو يريد من وراء ذالك الشهرة أو الإنتقام لنفسه

قال جلا وعلا

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.

قال الفضيل بن عياض في تفسيره لهذه الآية:

أخلصه وأصوبه". قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: أن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم تقبل وإذا صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة". أ.هـ

ويقول سفيان الثوري:

ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي؛ إنها تتقلبُ عليّ

يقول شيخ الإسلام رحمه الله في بيان أهمية أعمال القلوب:

وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين، مثل محبته لله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك. أ.هـ

2أما المبتدئ عليه أن يتعلم العلم النافع الشرعي و يلزم غرز العلماء لا يسابقهم و لا يتكلم قبلهم و إذا قالوا سكت يجب عليه احترام العلماء و لا يكون مثل هؤلاء الذين لهم الجرأة على العلماء و لا يقبلون كلامهم و لا نصحهم و المؤسف أن هذا حال الكثير من الشباب في زماننا و السبب هو الجهل و الهوى و البعد عن الله و الله المستعان

قال الله تعالى:

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ،

فعلم الكتاب والسنة حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور، هو الميزان الذي توزن به الرجال والأقوال والأعمال.

على الشاب أن لا يفوت على نفسه تعلم العلم كما هو حال الكثير في زماننا حيث ابتعد الناس عن تعلم العلم ولا حول ولا قوة إلا باالله

3وأن يكون عادلا فيما يقول بعيدا عن السب والشتم والخوض في أعراض الناس فسباب المسلم فسوق

قال تعالى

وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا

وقال أيضا

يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون

وأن يركز في الرد على أخطاء المخالف وأن يكون عالما بأخطاء المخالف

4وأن يكون صادقا فيما يقول و أن يتثبت من الأخبار التي تنقل إليه حتى لا يقع في ظلم الناس و الظلم ظلمات يوم القيامة و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب ولهذا جاءت النصوص في الكتاب والسنة تأمر بالصدق وتحث عليه وتأمر بلزوم أهله

قال الله تعالى

يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين

و قال جلا وعلا

ومن أصدق من الله حديثا

وقال أيضا

ومن أصدق من الله قيلا

لأن الكذب من أسوأ الأخلاق

سُئِلَ الشيخ العلامة عبيد بن عبد الله الجابري

متى تكون النصيحة سراً ، ومتى تكون علانية ؟

الجواب : أولاً : المسلم مأمور أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ، بالحكمة والموعظة الحسنة وباللين والرفق ما دام الرفق ينفع ؛ ويؤدي الغرض ، ويوصل الحق إلى طالب الحق .

ثانيا : صاحب المخالفة ؛ قد تكون مخالفته في نفسه ، وقد تكون مخالفته عامة ، يعني أنه يدعو إلى ما يراه من المخالفة .

فالأول : يُنصح في نفسه ويُـبيَّن له خطأه سرّاً .

والثاني : يرد خطأه بالدليل ، فإن ظهر منه بعد ذلك الإصرار والعناد ؛ فإنه يُعامَل بِما يستحقه ، وقد قدّمت آنفاً أن أهل السنَّة ينظرون إلى المخالفة والمخالف ، فليرجع إلى ذلك . اهـ

و قال أيضا حفظه الله تعالى الواجب على السنّي أن يَحفظ كرامة السنّي ، الواجب على السلفي أن يصون السلفي ، وأن يرعى كرامته ، كما أنه لا يتابعه على زلته إذا زلت به القدم ، فأهل السنَّة ينظرون إلى المخالفة كما ينظرون إلى المخالف .

فالمخالفة يردونها ولا يقبلونها ، لأنه قد يُخالف السلفي ما عند السلفي الآخر ؛ قد يُخطئ ؛ فالسلفي بَشر كغيره من سائر البشر .

ثم ينظر أهل السنَّة كذلك إلى المخالف ، فإن كان المخالف على السنَّة مُؤصلٌ عليها مَعرُوفٌ بالسير عليها ، فإنه لا يُتابع على زلّته وتُحفظ كرامته ، وإن كان من أهل البدع ، فلا كرامة له عندهم .

ومن هنا نقول : على السلفيين ؛ على أهل السنَّة أن يوّسعوا صدورهم لبعضهم ، وأن يتناقشوا فيما حدث بينهم من خلافات ، وأن يعرضوا ما عندهم مما هو مُختلفٌ فيه بينهم على من هو أقدر منهم من أهل العلم من الذين هم على السنَّة ، بهذا تزول الخلافات وتجتمع الكلمة ، ويتحد الصف ويتماسكون -إن شاء الله تعالى- . اهـ

وقال -حفظه الله- ما نصّه :

فنحن لا نقبل الخطأ ، ونبرّر لـه بأن هذا سَلَفي ، الخطأ يُرَّد رداً علماً .

إن أمكن مناصحة أخينا هذا السلفي بأن قوله في المسألة الفلانية خطأ هذا جميل ، وإذا لم يُمكن بُيِّن بالدليل بأنه خالف في كذا لكن لا يُتعَامل مع السلفي مثل ما يتعامل مع أهل البدع ، يُشنع عليه ! ، السلفي لا يُشنَّع عليه ، ولا يُحذَّر منه ، ولا يُشَّد عليه شّدة تُضيّع كل جهوده وآثاره السلفية المباركة ، فهذا في الحقيقة إفراط ، وحيف -يعني ظلم- غير مقبول . اهـ

قال الشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-:

أهل العلم لا يحابون أبداً ، هم أهل النصيحة لأهل الخطأ . اهـ

وقال أيضاً ما يُـبيّن أن النصيحة مُحدَّدة بالشرع فلا تَقبل التغيير إلا لمن اجتهد وهو أهل لذلك فمعفو عنه :

فـإنه سيتبيَّن لكم -إن شاء الله- أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكيفية إسداء النصيحة كلها قد حددت معالمها النصوص القرآنية والنصوص النبوية ، فمن خالف مدلولات نصوصها فقد أصيب بداء الانحراف عن سنن الحق في هذه الأبواب وخير له الرجوع عن الاستمرار في هذا الداء وأزكى وأفضل . اهـ

هذا و صلى الله على نبينا محمد

كتبه الفقير إلى ربه سليم ابن علي بن عبد الرحمان الجزائري

 

الكلمة الشهرية
بشرى لأهل الإستقامة

أقرأ المزيد
القائمة البريدية